فاس : الثقافة (الأصالة) والماضي المجيد

تقبع مدينة فاس على منخفض بين الهضاب المحيطية، بطرقاتها المبعثرة التي يصعب على غير أبناء المدينة التنقل عبرها. ولكونها تعد إحدى مدن العصور الوسطى الباقية في العالم، فقد قررت اليونسكو أن تجعل منها إرثا عالميا بالإضافة إلى كونها تمثل قلب الثقافة، التقاليد والتاريخ المغربي.

تعتبر فاس أول عاصمة للمغرب على الرغم من الجدل الكبير القائم بين المثقفين حول مؤسسها، إلا أن العديدين يعتبرون إدريس الثاني مؤسس فاس وذلك لأن ماض المدينة مرتبط باسمه. وتعني كلمة فاس « فأس»استنادا إلى المعتقد الذي يقول بأن فأسا من ذهب وجدت عند سفح التلال المحيطة إبان تأسيس المدينة.

بدأ بناء وتأسيس فاس سنة 800 وخلال 10 سنوات نمت وأصبحت نقطة توقف رئيسية للمسافرين القادمين من شرق إفريقيا باتجاه الأندلس بجنوب إسبانيا. البعض من سكان فاس الأوائل كانوا من ألأندلس واستقروا بكثرة على الضفاف الغربية لواد فاس في حسن استقر العرب على النصف الشرقي من الواد والذي يعرف الآن بمنطقة القرويين.

لأكثر من 200 سنة ازدهرت فاس على عكس باقي مدن شمال إفريقيا حيث بنيت المنازل في فترة بلا حرب سمحت للمدينة أن تتجدر عميقا.

إلا أن الحرب اندلعت وعمت الفوضى أزقة ما يعرف الآن بالمدينة العتيقة لأكثر من 50 سنة. لكن حوالي 1065 قدم الموحدون إلى المدينة وأخمدوا الشقاق الأهلي والسياسي الذي ابتليت به فاس وظلوا بالمنطقة لأكثر من 50 سنة وقاموا بهدم الكثير من أسوار المدينة حتى لا ينقسم الناس بسبب الاختلافات الدينية والثقافية.

على الرغم من أن مراكش أصبحت العاصمة الجديدة للمغرب إلا أن فاس احتفظت ببريقها وشهرتها بفضل مساجدها وجامعاتها حيث أن صفوة الطلبة درسوا في فاس مما أكسب المدينة سمعة كبيرة كمركز للتعليم من أوربا غلى شرق إفريقيا.

بعد مضي 200 سنة نمت فاس وأصبحت مصدر فخر للإمبراطورية حيث جلب المرينيون معهم خبرتهم معرفتهم بتسيير المدارس خاصة ما يسمى بالمدارس القرآنية.

في هذه الفترة في عهد السلطان أبو يعقوب حظي اليهود المغاربة بالحماية فازدهروا وتجمعوا في أحياء يهودية تسمى بالملاح وأصبحوا قادرين على بيع سلعهم وبضائعهم للمسافرين العابرين. في حين كانت مراكش أكبر مدن الجنوب، ظلت فاس الأهم بالشمال. مع بداية القرن العشرين بدأت فرنسا وإسبانيا مسلسل فرض الحماية على المدن وقسموا البلاد حسب أهوائهم . لكن فاس كانت دائما في واجهة المنشقين المعروفين بدفاعهم المستميت عن حقوقهم. وحتى بعدما حصل المغرب على استقلاله ظلت فاس قوة يُضرب لها حساب مع كل حكومة.