الزفاف في المغرب: التحام العادات

إن لعقد الزواج، في المغرب، علاقة وطيدة بالتقاليد العريقة والعادات وكذا الديانة. قد يدوم الاحتفال بعقد الزواج أكثر من يوم واحد وتدور مراسيم الزواج حول جمال العروس ووحدة عائلتي العرسان.

يعتبر شهر غشت فصل احتفالات الزواج في المغرب حيث إن معظم المغاربة هم في عطلة خلال هذا الشهر وبذلك، فإن هذه الفترة جد ملائمة للتحضير والاستعداد لإحدى أغنى المناسبات التقليدية في المغرب.

يعقد حفل الزواج بعد اجتماع مسبق بين كلا العائلتين. تسمى هذه الخطوة الأولى بالخطبة حيث تطلب عائلة العريس يد العروس. بعد موافقة والدي هذه الأخيرة، تنطلق المناقشات للاستعداد للمراسيم. هذه المفاوضات تخص مهر العروس، تكاليف الحفل، وبالطبع تاريخ عقد الزواج. خلال الخطبة، قد يقدم العريس بعض الهدايا كالمجوهرات لعروسه.

أحيانا، خلال يوم الخطبة، يتم عقد الزواج بشكل رسمي أو "قانوني" حيث يمضي العروسين عقد الزواج. أحيانا أخرى، قد يعقد حفل آخر لهذا العرض ويسمى الصداق. يتهم عقد الزواج الرسمي بحضور العدول وهو رجل دين له ترخيص من طرف وزارة الأوقاف يسني له الكتابة الخطية لعقد الزواج الذي يمضيه العروسين. شرعا، يجب أن يرافق العدول إثنا عشرة شاهدا الذين يشهدون على إتمام الزواج وكذا موافقة العروسين وعائلتيهما. حتى بعد الزواج الرسمي، على العروسين أن ينتظروا إقامة حفل الزواج ليعيشا معا.

حفل الزواج هذا يسمى العرس وهو إحدى العادات التي يفخر بها المغرب إذ أنها تجمع بين الطبخ المغربي الأصيل، اللباس التقليدي الراقي، الموسيقى الشعبية و أكثر من ذلك.

أول مرحلة من حفل الزواج هو يوم الحمام حيث تذهب العروس برفقة نساء عائلتها إلى الحمام الجماعي ( الشبيه بالحمام التركي). حسب العادات، فإن هذا الحمام الجماعي له غرض تطهير العروس قبل زواجها. تساعد النساء العروس في أخد حمامها وهن يغنين لها أغنيات خاصة بالزواج.

أما المرحلة الثانية فهو يوم الحناء. خلال هذا اليوم، ترتدي العروس لباسا تقليديا، أخضر في الغالب، وتستعد لنقش أيديها وأرجلها بالحناء. تقوم بهذا العمل امرأة لها دراية بفن النقش بالحناء. تقوم هذه المرأة، وتسمى النقاشة، بتزيين أيدي وأرجل العروس بأشكال جميلة من الحناء. وقد تقوم بعض نساء العائلة بنقش أيديهن أو إحدى أصابعهن أيضا. الواجب الذكر أن خلال يوم الحناء، لا تحضر إلا نساء عائلة العروس. يغني ويرقص الكل احتفالا بهذا اليوم الذي يمثل السعادة والهناء.

أما اليوم الثالث فهو يوم الاحتفال الأكبر. يبتدأ هذا اليوم بعادة "الهدية" حيث يتوجه بعض أفراد عائلة العريس إلى منزل العروس حاملين لها مجموعة من الهدايا مثل الأقمشة، المجوهرات، السكر، الحليب والحناء وغيرها من الهدايا التي ترمز إلى السعادة والرفاهية. طول الطريق التي ترتبط بين منزلي العروس والعريس، تمشي قافلة أفراد عائلة العريس مع الهدية وهم يغنون للزوجان. إن هذه المرحلة من الاحتفال مهمة جدا إذ أنها تهدف إلى إخبار الناس عن الزواج بالإضافة إلى كل رموز الهدايا التي تحمل في طياتها.

بعد الظهر، تذهب العروس برفقة بعض نساء عائلتها إلى مزينة الشعر للاستعداد لحفل الزفاف في المساء. يبتدأ الحفل غالبا حوالي الساعة التاسعة مساءا. يتم كراء إحدى قاعات الاحتفالات في المدينة لهذا الغرض. هكذا، يحضر الضيوف ويبدأ الجوق الموسيقي بالعزف والغناء ويرقص الكل احتفالا بالعروسين. كذلك، يقوم النادلين بتقديم حلويات العرس المغربية مرفقة بعصير الفواكه، شاي النعناع والقهوة. يستقبل العريس مع العائلتين الضيوف. أما العروس، فهي تتزين في غرفة خاصة بمساعدة أربعة نساء، النكافات، اللواتي لهن مهمة إلباس العروس وتزينها بالمجوهرات.

بعد ذلك، تأتي اللحظة الذي ينتظرها الجميع حيث يدخل العروسين معا متبعين بالنكافات الذي يغنون لهما. يجلس العروسين في المنصة المعدة لهما في حين تستمر الموسيقى والرقص. تقوم العروس، بمساعدة النكافات، بتغيير ملابسها ومجوهراتها من حين لآخر ثم تعود للجلوس في القاعة. ترتدي العروس ألبسة تقليدية مختلفة وخصوصا تلك التي ترمز إلى منطقة عائلتها: فاس، الشمال، الشرق، البرابرة، إلخ. يقدم العشاء ويدوم الحفل طوال الليل.

بالرغم من أن الاحتفال التقليدي بالزواج لا زال يمارس في مناطق المغرب، فإن شباب اليوم يميلون أكثر فأكثر إلى احتفالات أكثر معاصرة وأقل تكليفا إذ أنهم يفضلون توفير المال لأغراض أخرى.